بقلم القاضي أماني سلامة(قاضي التحقيق في البقاع):
لو كنت ميشال عون،
لو كنت ميشال عون لما ارتضيت إلاّ بأن أدخل التاريخ من الباب العريض أسوة بفؤاد شهاب والياس سركيس اللذين لا نزال نستذكرهما لغاية الآن لما أنجزوه على صعيد الدولة والمؤسّسات،
لو كنت ميشال عون لكنت فرضت قدوة لكيفية ممارسة السلطة وعشق الدولة للأجيال القادمة وزرعت الأمل مجدّداً بأنّ الدولة لن تبقى ضحيّة المصالح الشخصية والأنانية،
لو كنت ميشال عون لكنت طرحت الآن، أيّ في أوائل عهدي، فكرة التجنيس بشكل علني وأطلقت مباراة بين الطامحين لها بإنجاز مشاريع تستفيد منها الدولة والشعب كإنشاء معامل، مدارس، إبتكارات علمية، مساهمات، أفكار بنّاءة .. وذلك خلال فترة زمنية محدّدة، فتدرسه لجنة مستقلّة حيادية موثوقة وتعلن نتائج المباريات بمؤتمر احتفالي، فنرتقي بالجنسية اللبنانية إلى أعلى مستويات.
لو كنت ميشال عون لكنت رفضت فكرة قانون العفو، ولكن إذا كانت هنالك من أسباب موجبة جدّية، لكنت فرضت على كبار المجرمين من تجّار المخدّرات مثلاً تمويل مراكز علاج للإدمان في كلّ المحافظات وغيرها وإعلان فعل الندامة علناً،
لو كنت ميشال عون لكنت قصدت كلّ بلدية وحفّزتها على عملها الإنمائي واطلعت على أعمالها وتابعت تطوّرها،
لو كنت ميشال عون لكنت زرت الجمعيات الفعلية التي تؤمّن في كثير من الأحيان، ما تعجز الدولة عنه لتحفيزهم على المزيد،
لو كنت ميشال عون لكنت فرضت على كلّ وزير تقديم برنامج لعمله الوزاري مع مخطّط زمني له ينشر ويحاسب عليه كما يرفض إعادة توزيره في حال الإخفاق،
لو كنت ميشال عون لكنت فرضت إقرار قانون استقلالية السلطة القضائية وفرضت معايير الاستقلالية على من لم يتعوّد عليها من الأفرقاء،
لو كنت ميشال عون لكنت فضحت كلّ مزاريب الهدر في الادارة والمجالس بالأسماء وأعطيت مهلة زمنية لتصحيحها تحت طائلة الملاحقة،
لو كنت ميشال عون لكنت عملت على تعديل قانون الإثراء غير المشروع الذي لم يطبّق مطلقاً، لناحية تسهيل الملاحقة،
لو كنت ميشال عون لكنت طرحت اعتماد مباريات سنوية بين المدارس والجامعات حول أجمل مشروع وطني لتحفيز الانتماء وحبّ الوطن،
لو كنت ميشال عون لكنت فرضت ضرورة إعادة تأهيل سجن رومية وبقيّة السجون التي تفتقر إلى أدنى مقوّمات الحياة اللائقة للسجناء ولا تؤهّلهم لحياة أفضل،
لو كنت ميشال عون لكنت وضعت آلية لحصر النازحين السوريين وفرض إعادتهم إلى المناطق الآمنة في سوريا مع شكر المجتمع الدولي على مساهماتهم المالية،
لو كنت ميشال عون لكنت ضبطت الحدود الشرقية وعدّلت في أحكام الإقامة للسوريين بشكل أضبط تواجدهم، لكن أقطع باب رزق المهرّبين،
لو كنت ميشال عون لكنت وضعت من أولويات عملي إنماء المناطق النائية وتأمين المشاريع وفرص عمل لأبنائها وتمويلها من متموّلي هذه المناطق وغيرهم،
لو كنت ميشال عون لكنت قمت بالمستحيل لتأمين كلّ مستلزمات الجيش اللبناني من عتيد لتحصين الوطن، كلّ الوطن،
لو كنت ميشال عون لما ارتضيت إلاّ بأن يكون خليج جونيه وكلّ الشاطىء اللبناني أجمل وجهة سياحية في العالم،
لو كنت ميشال عون لكنت فرضت على البلديات تأمين إعادة فرز النفايات وإنشاء معامل للفرز والتصريف وكلّ ما يلزم لحلّ “معضلة” النفايات المحلولة منذ دهور في أقلّ البلدان تطوّراً،
لو كنت حقيقة ميشال عون، لاستفدت من نعمة وصولي إلى هرم الدولة ولما ارتضيت بأقلّ من أن أكون البطل الحقيقي المنتظر وحلماً لكلّ عاشق الوطن، ولأنّ لبنان يستأهل الرأفة والعزّة والكرامة، ولأنّ طريق الاصلاح والتغيير واحد لا غير، لا مساومة فيه ولا ضياع، لا تأرجح ولا ضبابية، واضح كالشمس، سهل، لا يختلف إثنان عليه، فويل لمن بيده عزّة خيار سلوكه ويحيد عنه!
“محكمة” – الجمعة في 2018/06/08