عن كنيسة ايا صوفيا التاريخية التي ينوي الرئيس التركي اردوغان تحويلها مجددا الى مسجد بعد مرور 677 عاما على احتلالها
بنيت تلك الكنيسة الشامخة في العام 537 بعد مجيء المسيح على ايدي امبراطور بيزنطية جوستنيان الاول ، واختير موقع بنائها على تلة وسط العاصمة الامبراطورية المطلة على مضيق البوسفور على اخر بقعة اوروبية مقابل المشرق المسيحي انذاك الممتد من مصر حتى سوريا ولبنان وجبال الاناضول وكيبدوكيا وارمينيا .
عند انجازها اعتبرت تحفة ومعجزة معمارية في القرن الخامس لا مثيل لها لا شرقا ولا غربا سوى الاهرامات ، وابهرت الجميع ببنائها الضخم وصحن قبتها الضخم وقاعة هيكلها الشاسع المتسع لآلاف المصلين وهندستها الفريدة .
استمرت تلك الكنيسة في خدمة المسيح والروح القدس لاكثر من الف عام شهد فيها جرن العماد على بركة آلاف الاطفال وجدرانها سمعت طلبات الفقراء والمرضى والمحتاجين.
في يوم اسود من العام 1453 ، وصلت طلائع جنود السلطان التركي محمد الثاني الى المدينة عاقدا النية على احتلالها بعد ان فشل اجداده بتلك المهمة لمئات الاعوام وقبله الخليفة الاموي معاوية في القرن السابع وبقيت عصية .
وعد السلطان جنوده بان تكون المدينة ان دخلوها ملكهم لثلاثة ايام ، وان نساءها بكافة اعمارهم في الداخل هدية لهم كجواري لتشجيعهم على القتال.
حاصروا المدينة المنهكة لمدة 52 يوما ، ودخلوها في ٢٩ ايار بعد اختراق جدرانها وبدأت مذبحة كبرى وعملية اغتصاب هي الاكبر في التاريخ .
قطعت رؤوس عشرات الاف الرجال البالغين امام نسائهن لحظات بعد ان شهدوا اغتصاب بناتهن ، واستمر سماع صراخ تلك الفتيات طوال الليل المليء بالحرائق ورائحة الموت والدماء حيث تناوب الجنود على انتزاع الفتيات الصغيرات من ايدي رفاقهم واغتصابهم مع امهاتهم
اما الكنيسة التي اختبأ فيها وساحاتها واقبيتها اكثر من خمسة الاف مصل خوفا، اقتحمها جنود السلطان وكتيبته الخاصة وتوجهوا فورا الى المذبح ، اخد البطريرك جانبا مع كبار الاساقفة والكهنة وقطعت رؤوسهم في الداخل
اما الرجال فسيقوا الى الخارج وقتلوا واحدا تلو الاخر امام عائلاتهم ، جمع الاطفال الذكور وجرى تكبيل ارجلهم بالسلاسل تمهيدا لبيعهم كعبيد .
لتبدأ لاحقا حفلة اغتصاب جديدة للنساء والفتيات انتهت بتكبيلهن تمهيدا لاهدائهم الى القصور والبيع في الاسواق البعيدة.
قيل يومها ان اصوات العويل خرقت قناة البوسفور الى الجهة الاخرى ، اطفال جرى فصلهم عن والداتهم وجروا بعيدا والحديد في اعناقهم
جرى تكسير ابواب الكنيسة البرونزية واخرجت ذخائر القديسين واحرقت خارجا مع الايقونات النادرة ونهب ذهب الايكونستاس الكبير
لم تنتهِ المذبحة الا بوصول السلطان الى الساحة حيث عاين المبنى الذي راقبه مع ابيه من بعيد لسنوات طامعا فيه
اعلن فورا نيته بتحويله الى مسجد عاقدا العزم على الصلاة فيه بعد اسابيع ، فتسلق امامه الخاص المبنى واعتلى القبة الكبرى ، انزلوا الصليب المثلث وسط تكبيرات الجنود وتلا الامام الشهادتين بصوت عال معلنا تحويلها الى مسجد
جرى غسل الدماء عن رخام ارضية الكنيسة الابيض وبدأت عملية طمس الفسيفساء من جدران الكنيسة حيث اخفيت العذراء من فوق المذبح وايقونة المسيح الذهبية من اعلى مدخل الكنيسة وطلست الجدران بالكلس لاخفاء المعالم المسيحية لكن الكلس كان يذوب وتظهر مجددا المعالم المسيحية على الفسيفساء
في 1 حزيران وصل السلطان الى الكنيسة ودخلها مع قادته وصلى فيها صلاة الجمعة بحضور شيخ الاسلام لتنتهي حقبة مجيدة من تاريخ تلك الكنيسة الرائعة
حاول الكثير من السلاطين تقليدها واستقدموا بعد سنوات مهندس من اصول ارمنية رومية اعتنق الاسلام لانقاذ اهله وبلدته اسمه سنان، انما بقي كل ما بناه تقليد باهت امام شموخ كنيسة بنيت قبل الف عام
ولليوم تبقى المعلم الاهم في المدينة وقبلة السياح يزورها اكثر من ثلاثة ملايين زائر ، وكثيرا ما تلمح احد السياح منتحيا في سره جانبا ناظرا الى الاعلى ومبتهلا للعذراء مريم والتي تشمخ فوق المذبح المسلوب ، مناجيا ومصليا لها في اسرها الطويل
…..الشكر لمن يشارك القصة