القاضي علي إبراهيم: نحن امام نظام قانوني فاسد يحمي الفاسدين والمُفسدين!
رزان شرف الدين
“يعني بالعربي المشبرح مافينا نحاكم و لا وزير او اي سياسي نهب من المال العام مال الشعب”
تعاقبت الحكومات وتكررت ملفاتها وقضاياها ووعودها والتزاماتها، ومع كل جلسة ثقة يفتح النواب ملفات تكفي لأن تحوّل مجلس النواب إلى سجن بمن فيه، في بلاد طبيعية، هذا لو تمكّن القضاء من إتمام عمله إلى أبعد حد، مع العلم أن كل حكومة تتخّذ لنفسها محاربة الفساد شعارا ً. فُتح الملف مجدداً مع تعهد من بعض الأحزاب السياسية بوقف هدر المال العام وسد مزاريب السرقات وكشف التجاوزات، والنيابة العامة المالية اتخذت على عاتقها السير إلى النهاية، ولكن لم نشهد قبلاً محاكمة أي من هؤلاء الفاسدين والمفسدين، فكيف يمكننا أن نثق بالجسم القضائي في لبنان؟!
في حديث مع المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم خلال لقاء حواري مفتوح مع عدد من الصحافيين من المواقع الإلكترونية، شارك فيه موقع تلفزيون الجديد، يلفت إلى أن اجتثاث الفساد في لبنان أمر مستحيل إلى حد ما.
ويوضح إبراهيم: “هناك جو جديد في البلد بمحاربة الفساد
، ولكن الكلام حول إمكانية الإدعاء المالي العام على الوزير هو كلام غير دقيق قانوناً، فالوزير لا يُحاكم في العدلية، المجلس الأعلى هو المرجع الصالح لملاحقته، ونعم هناك خلل ما في المجلس الأعلى”، ويسأل إبراهيم ما يسأله المواطن اللبناني “أين هو المجلس الأعلى؟”.
وحول ما كشفه النائب حسن فضل الله بخصوص الحسابات المالية أشار إبراهيم إلى أن الملف أصبح بمثابة إخبار وتم اخذ الاجراءت اللازمة، وأوضح: ” قانوناً، هناك جريمة متعاقبة وجريمة مستمرة، وهناك حالات تعتبر اليوم ساقطة حكماً بمرور الزمن، لا سيما إن كانت جناية تخطّت السبع سنوات، لذلك من خلال متابعتي للقضايا أسعى دائماً لأن أثبت أن هذه جريمة متكررة، أي حدثت ولا تزال تتكرر حتى اليوم، حتى لا نصطدم بعائق مرور الزمن”.
وحول التدخلات السياسية في القضاء، أكّد إبراهيم على أنه لم يغلق أبداً أي ملف بطلب من أحد، وأضاف قائلاً: “الرئيس نبيه بري حملني مسؤولية كبيرة اليوم، وأقول يا ريت لو كل الناس تتعامل مع النيابة العامة المالية كما يفعل الرئيس برّي”.
وفي ملف الرملة البيضا، أوضح إبراهيم أن النيابة العامة التميزية هي من تابعت الملف مع القاضي سمير حمود، وأُحيل الملف إلى القضاء، في حين أكّد متابعته لملف نهر الليطاني وباقي الأنهر، وفيما خصّ مستشفى الفنار، قال إبراهيم إنه ما إن شاهد التحقيق عبر التلفزيون حتى باشر بمتابعة الموضوع وقد ادعى على 3 أشخاص وكل من يظهره التحقيق.
وشدّد إبراهيم على أن عمل النيابة العامة المالية اليوم هو إعادة الأموال المسروقة، مذكّراً بملف الامين العام السابق للهيئة العليا للإغاثة إبراهيم بشير حيث حُكم عليه بإعادة المال المسروق.
خلال جلسات مناقشة البيان الوزاري ومنح الثقة للحكومة، اشتكى أغلب النواب من موضوع التوظيف العشوائي في فترة الإنتخابات النيابية، والمفارقة أن أحداً لم يدّعي بهذا الخصوص ولا حتى التفتيش المركزي، وهذا ما أكده القاضي إبراهيم بأنه لم يتسلّم أي شيء في هذا الملف، معتبراً أن التوظيف ولو أنه خالف التوظيف العام، فقد يكون ضرورياً في بعض القطاعات والمؤسسات التي هي أصلاً بحاجة موظفين، ويجب اليوم معالجة الوضع بإعادة النظر في وضع الأشخاص المناسبين في مكانهم.
ويُذكر أن هذه المرة الأولى التي يجلس فيها المدعي العام المالي وجهاً لوجه مع الإعلام، باعتبار أن ” الإعلام يسير بنفس الإتجاه الذي تسير فيه المؤسسات لكي نصل الى النتيجة المرجوّة، فمسألة مكافحة الفساد لا يمكن أن تقوم بها جهة معينة ولا طرف معين ولا مؤسسة واحدة” بحسب ما قال إبراهيم.
تابع المدعى العام المالي بالقول: “أنا أحلم بوطن، نعم لا أستطيع اجتثاث الفساد، لأنه موجود في كل بلدان العالم ونحن هدفنا تخفيضه إلى أدنى حد لنوازي على الأقل الدول المتحضرة، فنحن أمام نظام قانوني يحمي الفاسدين والمفسدين، يكبّل عملنا كقضاء، فالقانون لا يعطي الصلاحية بملاحقة أي موظف إلاّ بإذن من الوزير، والوزير ليس فقط لا يعطي الإذن وإنما يمتنع أصلا عن الإجابة “، ولا ينفي إبراهيم أن القانون الحالي جزء من الفساد على اعتبار أن أغلب القوانين دافعة باتجاه الفساد.